منع المرأة من الميراث
السؤال: تعتبر المرأة في حق الميراث وما يتعلق بالميراث شيئاً منبوذاً، ويعيبون عليها إذا طلبت حقها أو أخذت حقها من الميراث هل من كلمة حول هذا؟
الجواب: قضية المرأة قضية ضاعت بين جاهليتين، والحق بين أيدينا، جاهلية أولى وهي الموروثة، المرأة مرأة، وإذا ذكرت قالوا: أعزك الله، أكرمك الله؛ ولو كانت أمّه، ذكر المرأة معناها مثلما نقول: دابة أو حيوان، ليس لها اعتبار وليس لها قيمة، وبلغنا من بعض الآباء أنه يأتي رمضان وهي لا تصلي، ولا تؤمر بها, والحج لا تحج, ويقول: هذه امرأة!! انظروا...كيف الجاهلية نسأل العفو والعافية.
ومن المظالم أنها لا تُورَّث ولا تعطى ميراثها الذي شرعه الله، وهذه الفرائض ماجعلها الله لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا للعلماء من بعده، بل بينها بنفسه في كتابه ((يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ))[النساء:11] هذا كلام الله، وهذا كتاب الله ((لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ))[النساء:11] فهذا أمر شرعه الله.
ويقول: كيف أعطي للبنت وأترك الرجال؟
وأقول: مشكلتنا هذه أصلها أننا نظن المال مالنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {يقول ابن آدم: مالي.. مالي} حقي، مالي، وشقاي، وتعبي، وعمارتي، وأعطيها أولاد الناس من أجل أزوج البنت، لا يمكن!!
من قال: إن هذا المال مالك؟! فأول شيء نناقشك في هذا، الله تعالى يقول: ((وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ))[الحديد:7] إذاً المال مال الله وأنت مستخلف فيه، وإذا مت فلن ينفعك من هذا المال إلا ما قدمت لوجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أما الباقي فهو لورثتك، ولهذا يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله} -معقول, هل يقول أحد أن مال وارثي أحب إلي من مالي- قال {فإن مالك ما قدمت ومال وارثك ما أخرت}.
كل واحد منا عنده عقارات وأبنية وغير ذلك، هذا مال من؟! إنه مال الوارث.
والمقصود أن المال ليس مالنا، وليس الذي قسَّم هو نحن، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وإنما أنا قاسم والله يعطي} حتى الذي يفرض هذا ويقسم كما أمر الله هو رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقيم ما أمر الله.
والله تعالى هو الذي أعطى، وهو الذي شرع هذه القسمة، وبيَّن هذه المواريث, وبين لكل واحد مايأخذه من المال، فهذا من أنواع الجاهلية ومن بقاياها، أن تهضم حق المرأة، وهذا من حكم الجاهلية ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ))[المائدة:50].
جاءت الجاهلية الجديدة وقالوا: المرأة مهانة ومحتقرة, قلنا: جزاك الله خيراً فكيف نعطي المرأة حقها.
قالوا: تتعلم، وتتوظف، ويصير لها رأي في الأمور، وبلغ هذا الحد إلى أن أصبحت المرأة هي المسيطرة سيطرة كاملة في البيت، وسيطرت في الحياة وبدأت تفعل كل شيء، وحتى بعض الرجال لم يَعد له أي دور، حتى فيما يتعلق بزواج بناته، وفي أموره وتدبير شئونه وفي كل شيء، المرجع أصبح للمرأة.
ويقول: يا أخي المرأة مظلومة، فلابد أن تُكرّم. فجعلت هي المتصرفة وهي الوالية، لأنه لا بد من فتح مجالات.
وبهذه المناسبة سمعت -وإن شاء الله لا يكون صحيحاً- أن منطقة الباحة سيفتح فيها معهد للممرضات، والله عجيب!! أنا ما صدقت لأن الممرضات معروف ما هو شغلهن، الواحد منا لا يرضى أن ابنته تخدم أخاه، كيف تذهب عند خالتها وتخدمها، أهي خدامة عند خالتها؟! والآن صار عندنا مشروع الخادمات للرجال، وهذا الكلام لا بد من الوقوف في وجهه، وسيقول البعض: هذا ضد المرأة, وهذا ضد الحضارة, وضد التصور.
وأقول: هذا هو من الجاهليتين, فالجاهلية الأولى تمنعها حقها الذي شرعه الله في القرآن وجاءت الجاهلية الثانية وقالت: حقكِ كذا وكذا، فورطوها في أمور هي أجل من أن تعملها, وهي لم تخلق لها، بل هي ضارة عليها.
قالوا: هذا حقكِ طالبي من ظلمك؟!
فقالت: والله -فعلاً- بدلاً ما كان الوالد أو الشيخ الكبير يمنعني من ميراثي، فهذا فاعل خير يقول: توظفي حتى تستغني عن هذا الشيخ وعن الأولاد جزاه الله خيراً.
ونحن نعلم أن في خروجها هذا ضرر عليها، وهذه هي الجاهلية الجديدة، وخطرها وضررها عظيم, وأنا والله أعجب أن منطقة بهذه المحافظة والأخلاق توافق على أن يفتتح فيها ومن بناتها من يدرسن التمريض، ولا سيما ونحن نرى المستشفيات مختلطة، ولو أن عندنا مستشفيات مفصولة تماماً، الرجال لهم مستشفيات والنساء لهم مستشفيات كما أمر الله، فالواحد يستطيع أن يقول: يا أخي! تدرس وتعمل في مستشفى نسائي، لكن هذا غير موجود الآن، فيكفي أننا سكتنا.
وهذا منكر شنيع نسكت عليه، وهو أن يؤتى بالممرضات من الخارج بغير محارم، ويسكن في مساكن ويتسوقن، ولا يخفى على أحد ماذا يجري، والمنكر له مكابر، ثم تأتي مصيبة أكبر، وتصبح بناتنا نحن يخدمن في قسم التمريض.
فنقول: المرأة الآن بين جاهليتين، فاتقوا الله في النساء كما أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وكما أوصى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهن حتى في وصيته الجامعة يوم عرفة.